تعذيب وحشي وصمود قاهر وبعد مسيرة حافلة بالبطولات والانتصارات، جاء اليوم الذي انتهت معه قصة بطل الجزائر، بعد أن ألقى الاستعمار الفرنسي القبض عليه في 23 فبراير/شباط 1957، فتعرض لكل أنواع التعذيب الجهنمية حتى يبوح بأسرار الثورة الجزائرية، لكنه "عذب الاستعمار" بصمته ورفضه خيانة ثورة ألقى بها إلى شعب الجزائر، واكتفى بجملة واحدة رداً على التعذيب الكبير الذي تعرض له، فقال العربي بن مهيدي لجلاديه "أمرت فكري بألا أقول لكم شيئاً". وأمام إصرار البطل العربي بن مهيدي على عدم خيانة وطنه، أمرت السلطات الفرنسية من باريس "تسليط جميع أنواع التعذيب" التي لم تجرؤ أية قوة استعمارية على تنفيذها، وشرع معها الجلادون في تنفيذ أوامر أسيادهم بكل وحشية. "فكان جزاء صمته المشرف أن كسرت أسنانه وسلخ جلده ونزعت أظافره، ووضعوا في فمه قطعة من حديد بعد أن قاموا بتسخينها جيداً في الفرن"، لكنه لم ينطق بحرف واحد، وكان صبره أعظم من تعذيبهم، وقبل أن يموت قال لهم: "لكم الماضي ولنا المستقبل"، ما جعل سفاح فرنسا الجنرال مارسيل بيجار يرفع له التحية ويقول له: "لو كان لي 3 من أمثال العربي بن مهيدي لغزوت العالم"، ويأمر بعدها بإعدامه شنقاً في 4 مارس/أذار عام 1957، وحينها ظهر الشهيد العربي بن مهيدي مبتسماً لحظات قبل إعدامه، وهي الابتسامة التي بقيت عنواناً عريضاً للعزة والكرامة وللحرية التي تؤخذ ولا تعطى.

العربي بن مهيدي صورة وسيرته الذاتية

وكشف سعدي، أنه "بعدما تم إعادة دفن رفاة الشهيد العربي بن مهيدي، بمربع الشهداء بمقبرة العالية بعد الاستقلال بدت الحقيقة جلية، فآثار الرصاص واضحة على ما تبقى من رفاته". لكن، الجنرال بول أوساريس، يؤكد في مقابلة مع صحيفة "لوموند" الفرنسية ، أن العربي بن مهيدي أُعدم شنقاً. والجنرال أوساريس هو الذي استلم التحقيق مع بن مهيدي بعد أن فشل بيجار في الحصول على المعلومات المطلوبة. مُعذب وقاتل العربي بن مهيدي.. الجنرال الفرنسي بول أوساريس يروي أوساريس أنه بعيد منتصف ليلة تنفيذ الحكم، أُعد حبل المشنقة، ووضع كرسي صغير ليصعد بن مهيدي عليه. أحد المظليين الفرنسيين يقترب منه ليضع عصابة على عينيه، العربي بن مهيدي يرفض. فيقول المظلي "إنه أمر! "، ليردّ بن مهيدي قائلاً: "أنا نفسي عقيد في جيش التحرير الوطني، أعرف ما هي الأوامر! ". ويُرفض طلبه. في المرة الأولى إنقطع الحبل، ليتم الإعدام في المرة الثانية في الـ4 من آذار/مارس من العام 1957. يؤكد المجاهد الجزائري المخضرم محمد شريف مولاي للصحيفة نفسها، فرضية إعدام العربي بن مهيدي شنقاً وليس بالرصاص. ويروي أنه بعد ظهر يوم الإثنين 4 آذار/مارس 1957، توجه الشاب مولاي، الذي كان مراهقًا آنذاك، إلى مشرحة سان أوجين لاستعادة جثة والده الذي قُتل الليلة الماضية، على يد المظليين في قصبة الجزائر العاصمة.

العربي بن مهيدي تعبير

تابع محمد العربي دراسته في بسكرة، إلى أن تم قبوله في قسم الإعداد للالتحاق بمدرسة قسنطينة. لينضم في العام 1939، إلى صفوف الكشافة الإسلامية الجزائرية "فوج الرجاء" في بسكرة، وأصبح قائد فريق الفتيان والشباب. الكشافة الإسلامية الجزائرية في العام 1939 نبذة شخصية عن العربي بن مهيدي نشأة العربي بن مهيدي كان العربي بن مهيدي محباً للفن، يهوى أغاني المطربة فضيلة الجزائرية. ويحب الموسيقى، خاصة الأندلسية منها. كما شارك في مسرحية "في سبيل التاج"، التي ترجمها إلى العربية الأديب المصري الراحل مصطفى لطفي المنفلوطي. بهدف نشر الوطنية والجهاد ضد الاستعمار. كان يهوى أيضاً مشاهدة الأفلام، لاسيما الأفلام الحربية والثورية. أُعجب بالثائر المكسيكي "زاباتا" فاتخذ هذا الاسم لقباً سرياً له، قبل اندلاع الثورة. كما لُقب أيضاً بالعربي البسكري والحكيم. منزل العربي بن مهيدي في مدينة بسكرة، 1938- 1949 أحب العربي بن مهيدي كرة القدم، فكان أحد المدافعين الأساسيين في فريق الاتحاد الرياضي الإسلامي لبسكرة، الذي أنشأته الحركة الوطنية. نبذة تاريخية عن العربي بن مهيدي كان العربي بن مهيدي كثير الاهتمام بالشؤون السياسية والوطنية. فانضم في العام 1942 إلى حزب الشعب.

العربي بن مهيدي نموذج من شهداء الجزائر الذين لهم الفضل في تحرُّر البلاد من الطغيان، وهو بحق أيقونة باقية ومصدر فخرٍ لجميع العرب، فهو من الرجال الملتزمين وطنيًا ودينيًا، وكان متوكلًا على الله في جميع خطواته حتى نال شرف الشهادة، وعلى المستوى الإنساني كان عطوفًا حنونًا يُلقّب بالحكيم. كانت له رؤية مستقبلية ثاقبة جعلته يرسم خطًا واضحًا لحياته كي تكون حياته بهدف، فهو بحق أحد أقطاب الجزائر الذين قضوا في سبيله ولم يبخل على وطنه بأيّ شيء، فقد أرهق الاستعمار الفرنسي بالنضال المشرّف الذي قاده، وكان رجلًا مجاهدًا، معروفًا بدماثة أخلاقه وكرهه للاستعمار الفرنسي. كما كان أكثر ما يشغل بال العربي بن مهيدي هو مستقبل وطنه الجزائر، ومتى سيتحرر من الاستعمار، رحم الله الشهيد البطل المناصل العربي بن مهيدي، فقد كان له موقف ثابت، وصاحب هدف وطني ومواقف مشرفة. الخاتمة: العربي بن مهيدي مسيرة نضالية العربي بن مهيدي مسيرة نضالية مُشرّفة، يفتخر بها جميع العرب وليس فقط الجزائريون، وهو قدوة لكلّ الشعوب المناضلة التي تسعى للتحرر من تحت وطأة الاستعمار، فالرجال الذين يكونون مثل العربي بن مهيدي هم قدوة لمن يأتون من بعدهم.
رؤية الملك فهد في المنام
May 20, 2024