وإنما عدل عن أن يكون الفعل فعلاً مضارعاً مثل المعطوف هو عليه لأن صيغة المضارع تستعمل لقصد استحضار الصورة للفعل كما في قوله تعالى: { فتثير سحاباً} [ الروم: 48] ، فالإتيان بالمضارع في { ألم نجعل الأرض مهاداً} [ النبأ: 6] يفيد استدعاء إعمال النظر في خلق الأرض والجبال إذ هي مرئيات لهم. القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة النحل - الآية 72. والأكثر أن يَغفل الناظرون عن التأمل في دقائقها لتعوُّدهم بمشاهدتها من قبل سِنِّ التفكر ، فإن الأرض تحت أقدامهم لا يكادون ينظرون فيها بَلْهَ أن يتفكروا في صنعها ، والجبالَ يشغلهم عن التفكر في صنعها شغلهم بتجشم صعودها والسير في وعرها وحراسة سوائمهم من أن تضل شعابها وصرف النظر إلى مسالك العدوّ عند الاعتلاء إلى مراقبها ، فأوثر الفعل المضارع مع ذكر المصنوعات الحَرِيَّة بدقة التأمل واستخلاص الاستدلال ليكون إقرارهم مما قُرروا به على بصيرة فلا يجدوا إلى الإنكار سبيلاً. وجيء بفعل المضي في قوله: { خلقناكم أزواجاً} وما بعده لأن مفاعيل فعل ( خلقنا) وما عطف عليه ليست مشاهدة لهم. وذُكر لهم من المصنوعات ما هو شديد الإتصال بالناس من الأشياء التي تتوارد أحوالها على مدركاتهم دواماً ، فإقرارهم بها أيسر لأن دلالتها قريبة من البديهي.

القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة النحل - الآية 72

ومن اياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجا - YouTube

لهذا لا بدَّ مِن توافُر حقوقٍ لكلٍّ منهما؛ لتقومَ حياة سعيدة قائمة على التقوى والتعاون وتدوم المحبَّة والألفة وحُسن العِشرة، وليدوم الصفاء والنقاء الذي لا تشوبه شائبة، فالعلاقة الزوجيَّة هي علاقة رُوحيَّة معنويَّة أكثر منها علاقة حيوانيَّة بهيميَّة، وهذا ما حضَّ عليه الشرع ووصَّى به؛ قال - تعالى -: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21].

كاس الملك الاتحاد
May 11, 2024