وألف بين قلوبهم
الف بين قلوبهم من ذكر الله
قال عبدة: فعرفت أنه أفقه مني. 16261 - حدثني محمد بن خلف قال: حدثنا عبيد الله بن موسى قال: حدثنا فضيل بن غزوان قال: أتيت أبا إسحاق فسلمت عليه فقلت أتعرفني؟ فقال فضيل: نعم! الف بين قلوبهم زيغ. لولا الحياء منك لقبلتك حدثني أبو الأحوص ، عن عبد الله ، قال: نزلت هذه الآية في المتحابين في الله: ( لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم). 16262 - حدثني يعقوب قال: حدثنا ابن علية قال: أخبرنا ابن عون ، [ ص: 48] عن عمير بن إسحاق قال: كنا نحدث أن أول ما يرفع من الناس أو قال: عن الناس الألفة. 16263 - حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال: حدثنا أيوب بن سويد ، عن الأوزاعي قال: حدثني عبدة بن أبي لبابة ، عن مجاهد ثم ذكر نحو حديث عبد الكريم ، عن الوليد. 16264 - حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا أبو أسامة ، وابن نمير ، وحفص بن غياث ، عن فضيل بن غزوان ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص قال: سمعت عبد الله يقول: ( لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم) ، الآية ، قال: هم المتحابون في الله. وقوله: ( إنه عزيز حكيم) ، يقول: إن الله الذي ألف بين قلوب الأوس والخزرج بعد تشتت كلمتهما وتعاديهما ، وجعلهم لك أنصارا ( عزيز) ، لا يقهره شيء ، ولا يرد قضاءه راد ، ولكنه ينفذ في خلقه حكمه.
عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المؤمن يأْلَف ويُؤْلَف، ولا خير فيمن لا يأْلَف ولا يُؤْلَف» (صححه الألباني)، وقال صلى الله عليه وسلم: «النَّاس معادن كمعادن الفضَّة والذَّهب، خيارهم في الجاهليَّة خيارهم في الإسلام إذا فقهوا، والأرواح جنودٌ مجنَّدة، ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف» (رواه مسلم:2638)، قال ابن الجوزي: "ويستفاد من هذا الحديث أن الإنسان إذا وجد من نفسه نفرة ممن له فضيلة أو صلاح فينبغي أن يبحث عن المقتضي لذلك؛ ليسعى في إزالته حتى يتخلص من الوصف المذموم، وكذلك القول في عكسه". قال يونس الصَّدفي: "ما رأيت أعقل مِن الشَّافعي، ناظرته يومًا في مسألة ثمَّ افترقنا، ولقيني فأخذ بيدي، ثمَّ قال: يا أبا موسى! الف بين قلوبهم لو انفقت. ألَا يستقيم أن نكون إخوانًا وإن لم نتَّفق في مسألة" (سير أعلام النبلاء للذهبي:10/16)، قال الْغَزالِي: "الأُلْفَة ثَمَرَة حُسْن الخُلُق، والتَّفرق ثَمَرَة سوء الخُلُق، فَحُسْن الخُلُق يُوجب التَّحبُّب والتَّآلف والتَّوافق، وسُوء الخُلُق يُثمر التَّباغض والتَّحاسد والتَّناكر" (إحياء علوم الدين:2/157). قال ابن تيمية: "إنَّ السَّلف كانوا يختلفون في المسائل الفرعيَّة مع بقاء الألفَة والعصمة وصلاح ذات البين" (الفتاوى الكبرى لابن تيمية:6/92)، وقال الأبشيهي: "التَّآلف سبب القوَّة، والقوَّة سبب التَّقوى، والتَّقوى حصنٌ منيع وركن شديد بها يُمْنَع الضَّيم، وتُنَال الرَّغائب، وتنجع المقاصد" (المستطرف للأبشيهي ص:130).