وبذلك لم يعد لعبد الملك إلا ابن الزبير في مكة فبعث له الحجاج بن يوسف في عشرين ألفا، وتحصن ابن الزبير بالحرم. مقتل عبد الله بن الزبير رحمه الله واستمر الحجاج في حصاره لابن الزبير من جمادى الآخرة سنة 72 هـ حتى مقتله في سنة 73 هـ أي سبعة أشهر، فغلت الأسعار(5) عند ابن الزبير وأصاب الناس مجاعة شديدة حتى ذبح فرسه وقسم لحمها في أصحابه وبيعت الدجاجة بعشرة دراهم، ومد الذرة بعشرين درهما. مقتل عبدالله بن الزبير الخاصه. وإن بيوت عبد الله بن الزبير لمملوءة قمحاً وشعيراً وذرة وتمراً، وكان أهل الشام ينتظرون فناء ما عنده، وكان يحفظ ذلك لا ينفق منه إلا ما يمسك الرمق ويقول: أنفس أصحابي قوية ما لم يفن. ولما حصر الحجاج ابن الزبير نصب المنجنيق على أبي قبيس (6) ورمى به معسكر عبدالله بن الزبير، وكان عبد الملك ينكر ذلك أيام يزيد ثم أمر به فكان الناس يقولون: خذل في دينه. وحج ابن عمر تلك السنة فأرسل إلى الحجاج أن اتق الله واكفف هذه الحجارة عن الناس فإنك في شهر حرام وبلد حرام وقد قدمت وفود الله من أقطار الأرض ليؤدوا فريضة الله ويزدادوا خيراً ففعل وتوقف الضرب حتى فرغ الناس من طواف الزيارة ولم يمنع ابن الزبير الحاج من الطواف والسعي. ودخل ابن الزبير على أمه بعد أن خذله أصحابه يشكو لها خذلان الناس له ويستشيرها فيما يعرضون عليه وقالت له: "إن كنت إنما أردت الدنيا فبئس العبد أنت أهلكت نفسك ومن قتل معك وإن قلت كنت على حق فلما وهن أصحابي ضعفت فهذا ليس فعل الأحرار ولا أهل الدين كم خلودك في الدنيا القتل أحسن" ، قال: أخاف إن قتلني أهل الشام أن يمثلوا بي ويصلبوني ، قالت: يا بني إن الشاة إذا ذبحت لا تتألم بالسلخ فامض على بصيرتك واستعن بالله " (7).

بدأنا حلقات هذه السلسة ( معركة الخلافة) للحديث حول المعارك والفتن التي وقعت بين المسلمين بسبب تحول الخلافة إلى مُلك وراثي، واليوم موعدنا مع تاسع حلقات معركة الخلافة حول مقتل عبد الله بن الزبير. ملاحظة: ندرس في هذا البحث مسألة الخلافة الإسلامية، مع اعترافنا أن الواقع الحالي بين المسلمين يوضح أن الحكم الملكي الوراثي أرحم وأفضل قياسًا بالأنظمة الديكتاتورية الأخرى. يُتبع… (عبد الله بن الزبير) تطورات الموقف في الشام (1) في سنة 69هـ هو خالف عمرو بن سعيد عبد الملك بن مروان وغلب على دمشق ولكن عبد الملك استطاع إخضاعه وقتله. ثم وضع السيف فقتل من خالفه فصفى له الشام وعندها أجمع المسير إلى مصعب بن الزبير في العراق. وفي سنة 71 هـ عزم على المسير إلى العراق وقال لمستشاريه ما رأيكم، فقال يحيى بن الحكم بن أبي العاص عمه بأن يقنع بالشام ويترك ابن الزبير والعراق، فرفض ذلك. مقتل عبدالله بن الزبير. وقال بعضهم إن العام جدب وقد غزوت سنتين فلم تظفر فأقم عامك هذا. قال: عبد الملك الشام بلد قليل المال ولا آمن نفاذه وقد كتب كثير من أشراف العراق يدعونني إليهم ، وعندها قال أخوه محمد بن مروان: الرأي أن تطلب حقك وتسير إلى العراق فإني أرجو أن الله ينصرك.

فعادوا إلى المحاصرة.

أهل العراق وغدرهم (2) ولما علم مصعب بمسير عبد الملك، أحضر المهلب بن أبي صفرة واستشاره فقال له: اعلم أن أهل العراق قد كاتبوا عبد الملك وكاتبهم فلا تبعدني عنك ولكن وجهه لحرب الخوارج. ولما تقابل العسكران بدأت الكتب تتوالى بين العسكرين بين عبد الملك وأهل العراق وعندها قال مصعب رحم الله: أبا بحر – يعني الأحنف بن قيس – إن كان ليحذرني غدر أهل العراق ويقول هم كالمومسة، تريد كل يوم بعلاً وهم يريدون كل يوم أميراً. ولما تدانى العسكران بعث عبد الملك إلى مصعب أن يتركا الدعاء لأخيه وله ويجعلوها شورى بين المسلمين فرفض مصعب وقال: السيف بيننا ، ولو صح هذا الخبر، فإن مصعب كان يعتقد أن أخاه خليفة بمبايعة المسلمين وهو كذلك فكيف يخلعه، ثم لا يأمن أن تكون خديعة من عبد الملك. مقتل عبدالله بن الزبير عند الشيعه. الملك عقيم(3) ودارت المعركة وتفرق الناس عن مصعب حتى لم يبق معه إلا 7 أنفس ـ وقتل بدير الجاثليق عند نهر دجيل فأمر عبد الملك به وبابنه عيسى وقال: كانت الحرمة بيننا قديمة ولكن الملك عقيم. وعندما قتل مصعب صفا العراق لعبد الملك ثم بعث لابن خازم يطلب منه البيعة ويطمعه خراسان 7 سنين فرفض ثم كتب عبد الملك إلى بكير بن وساج وكان خليفة ابن خازم على مرو بعهده إلى خراسان فخلع بكير عبد الله بن الزبير ودعا إلى عبد الملك (4).

لكن فى الحقيقة كان ابن الزبير أفضل مما قال الحجاج، لكنه رفض أن تصبح الخلافة الإسلامية تراثا يتوارثه بنو أمية بصالحهم وطالحهم، فقال لا فى وجوه القوم وأصر عليها تسع سنوات حتى قضى الله أمرا كان مفعولا.

فكانوا يحملون على ابن الزبير حتى يقال: إنهم آخذوه في هذه الشدة ، فيشد عليهم ابن الزبير وليس معه أحد ، حتى يخرجهم من باب بني شيبة ، ثم يكرون عليه فيشد عليهم; فعل ذلك مرارا ، وقتل يومئذ جماعة منهم وهو يقول: خذها وأنا ابن الحواري. وقيل لابن الزبير: ألا تكلمهم في الصلح ؟ فقال: والله لو وجدوكم في جوف الكعبة لذبحوكم جميعا ، والله لا أسألهم صلحا أبدا. وذكر غير واحد أنهم لما رموا بالمنجنيق ، جاءت الصواعق والبروق [ ص: 179] والرعود ، حتى جعلت تعلو أصواتها على صوت المنجنيق ، ونزلت صاعقة فأصابت من الشاميين اثني عشر رجلا ، فضعفت عند ذلك قلوبهم عن المحاصرة ، فلم يزل الحجاج يشجعهم ، ويقول: إني خبير بهذه البلاد ، هذه بروق تهامة ورعودها وصواعقها ، وإن القوم يصيبهم مثل الذي يصيبكم. وجاءت صاعقة من الغد فقتلت من أصحاب ابن الزبير جماعة كثيرة أيضا ، فجعل الحجاج يقول: ألم أقل لكم إنهم يصابون مثلكم ، وأنتم على الطاعة وهم على المخالفة ؟ وكان أهل الشام يرتجزون وهم يرمون بالمنجنيق; يقولون: خطارة مثل الفنيق المزبد نرمي بها عواذ هذا المسجد فنزلت صاعقة على المنجنيق فأحرقته ، فتوقف أهل الشام عن الرمي والمحاصرة ، فخطبهم الحجاج فقال: ويحكم ، ألم تعلموا أن النار كانت تنزل على من كان قبلنا فتأكل قربانهم إذا تقبل منهم ؟ فلولا أن عملكم مقبول ما نزلت النار فأكلته.

ما هي السورة التي لا تبدأ بالبسملة
May 15, 2024