ذكر الباحث في تاريخ السيرة النبوية سمير برقة أن حصار بني هاشم وقع في بداية السنة السابعة للبعثة، في شعب بني هاشم، المعروف اليوم بـ"شعب علي"، وموقعه شرقي المسجد الحرام بين جبل أبي قبيس وجبل خندمة "الغزة" حالياً. وقال "برقة" لـ"سبق": اجتمع سادة قريش في دار الندوة وكتبوا وثيقة نصّت على الالتزام بألا يزوجوا أحدًا من نسائهم لبني هاشم، وألا يتزوجوا منهم، وألا يشتروا منهم شيئًا وألا يبيعونهم شيئًا، مهما كان نوعه، وألا يجتمعوا معهم على أمر من الأمور، وأن يكونوا يدًا واحدة ضد محمد وأتباعه. وأضاف: وقّع على هذه الصحيفة الظالمة 40 رجلاً من زعماء قريش والشخصيات البارزة فيها، وعلقوها في الكعبة، وكان ذلك في أول شهر محرم من السنة السابعة للبعثة النبوية الشريفة، ولمّا علم أبو طالب بذلك جمع بني هاشم وبني عبد المطلب وحمّلهم مسوؤلية الدفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وحمايته والحفاظ على حياته، وأمرهم بالخروج من مكة والدخول في شعب يقع بين جبال مكة كان يعرف بـ"شعب أبي طالب". مقاطعة قريش الرسول - موضوع. وأردف الباحث في تاريخ السيرة النبوية: كانت في هذا الشعب بعض البيوت العادية والمساكن البسيطة فدخل بنو هاشم الشعب بكاملهم، المسلمون منهم والكافرون عدا أبي لهب، وكانوا أكثر من 40 رجلاً، عدا نسائهم وأطفالهم، وبقوا محاصرين في هذا الشعب ثلاث سنين، أي منذ السنة السابعة حتى السنة العاشرة.

  1. مقاطعة قريش الرسول - موضوع

مقاطعة قريش الرسول - موضوع

وملاحظة أخرى على كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه ذكر أنَّ قريشًا تقاسمت على «الكفر»، وليس المقصود هنا بالكفر عبادة الأصنام، فإنَّ مسألة القسم على البقاء على الكفر من عدمه لم تُطْرَح في عهدهم؛ إنَّما يقصد أنَّ هذا الإجرام والفجور هو زيادةٌ في الكفر؛ وذلك مثل قوله عز وجل، وهو يتكلَّم عن النسيء: ﴿ إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ ﴾ [التوبة: 37]، وهو يدلُّ على بشاعة القرار الذي أخذته قريش بحصار وتجويع بني عبد مناف على هذه الصورة. هذا ما حدث في البلد الحرام! لقد استجابت كلُّ قبائل قريش للأمر، وعلَّقت الصحيفة في جوف الكعبة ، وقد تقاسموا بآلهتهم على الوفاء بها، وبالفعل بدأ تنفيذ هذا الحصار الرهيب في أول ليلة من ليالي المحرَّم في السنة السابعة من البعثة [6] ، وقد دخل بنو هاشم وبنو المطلب، مؤمنهم وكافرهم، إلى شعب أبي طالب وتجمَّعُوا فيه، ومعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك ليكونوا جميعًا حوله لحمايته من أهل مكة. وبدأت مرحلة جديدة من المعاناة والألم، ولونٌ جديد من ألوان الابتلاء، تلك التي عاشها المسلمون في رحلة الدعوة الإسلامية، فقد قُطِع الطعام بالكلية عن المحاصرين، فلا بيع ولا شراء، حتى الطعام الذي كان يدخل مكة من خارجها وكان يذهب بنو هاشم لشرائه، كان القرشيون يزيدون عليهم في السعر حتى لا يستطيعوا شراءه [7] ؛ ومن ثَمَّ يشتريه القرشيون دون بني هاشم، وقد بلغ الجهد بالمحاصرين حتى كان يُسمع أصوات النساء والصبيان يصرخون من شدَّة وألم الجوع، وحتى اضطرُّوا إلى التقوُّت بأوراق الشجر؛ بل إلى أكل الجلود.

وقال ابن هشام: وذكر بعض أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي طالب: يا عم، إن ربي قد سلط الأرضة على صحيفة قريش، فلم تدع فيها اسماً لله إلا أثبتته ونفت منها القطيعة والظلم والبهتان، قال: أربك أخبرك بهذا؟ قال: نعم، قال: فو الله ما يدخل عليك أحد. ثم خرج إلى قريش، فقال: يا معشر قريش، إن ابن أخي أخبرني، وساق الخبر بمعنى ما ذكرناه. الخلاف حول أول من نقض الصحيفة وقال ابن إسحاق وابن عقبة وغيرهما: وندم منهم قوم، فقالوا: هذا بغي منا على إخواننا وظلم لهم، فكان أول من مشى في نقض الصحيفة هشام بن عمرو بن الحارث العامري وهو كان كاتب الصحيفة، و أبو البختري بن هشام والمطعم بن عدي. إلى هنا انتهى خبر ابن لهيعة عن أبي الأسود يتيم عروة وموسى بن عقبة، عن ابن شهاب. وذكر ابن إسحاق فيهم زهير بن أبي أمية بن المغيرة المخزومي وزمعة بن الأسود. وذكر ابن إسحاق في أول هذا الخبر، قال: وقد كان أبو جهل فيما يذكرون لقي حكيم بن حزام ومعه غلام يحمل قمحاً يريد به عمته خديجة وهي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشعب، فتعلق به، وقال: أتذهب بالطعام إلى بني هاشم؟ فقال له أبو البختري: طعام كان لعمته عنده، أفتمنعه أن يأتيها بطعامها، خلَّ سبيل الرجل، فأبى أبو جهل حتى نال أحدهما من صاحبه، فأخذ أبو البختري لحي بعير فضربه به، فشجه ووطئه وطئاً شديدًا.

صندوق البريد في العنوان الوطني
May 20, 2024